‏إظهار الرسائل ذات التسميات التفريغات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التفريغات. إظهار كافة الرسائل
6:45 م

الحث على العمل الصالح  لفضيلة الشيخ علي بن يحي الحدادي حفظه الله


الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله تعالى خلقنا لعبادته ، فأوجدنا في هذه الدار الدنيا بعد العدم للاختبار والابتلاء ، ثم بعد ذلك يتوفانا بعد انتهاء المدة التي حددها لكل منا، ثم يبعثنا بعد الموت للجزاء والحساب، كما قال تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) و كما قال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ.
إنه لا نجاة ولا سعادة لأحد يومئذ إلا بالإيمان والعمل الصالح  كما قال تعالى ({وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ.
فأما الإيمان فهو تصديق القلب ويقينه التام الذي لا شك فيه واعتقاده الجازم بكل ما أمر الله بالإيمان به من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. وما يدخل في هذه الأركان من التفاصيل التي جاء بها الكتاب والسنة.
والإيمان أيضاً نطق اللسان وقوله وإقراره وشهادته بذلك الإيمان، وكل الأقوال الصالحة التي يتحرك بها اللسان وينطق بها هي من الإيمان من الأذكار المشروعة وتلاوة القرآن والدعوة إلى الله وغير ذلك.
والإيمان أيضاً هو الأعمال الصالحة التي شرعها الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهي الاقوال والأعمال الظاهرة والباطنة التي أحبها ورضي بها وأمر بها وأمر أن يتقرب بها إليه وتقوم على أساسين عظيمين هما الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يقبل الله من العبادات إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، ولا يقبل الله من العبادات الا ما كان موافقاً لهدي رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وخلاصة ما تقدم أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة يتركب من ثلاثة أشياء تصديق القلب ونطق اللسان وعمل الجوارح، فالتصديق وحده لا يكفي والقول وحده لا يكفي والعمل وحده لا يكفي بل لا بد من اجتماع هذه الثلاتة كما قال الإمام أحمد (الإيمان لا يكون إلا بعمل) وقال الحميدي (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل ولا قول إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة) وقال المزني عن الإيمان والعمل : (وهما سيان ونظامان وقرينان لَا نفرق بَينهمَا، لَا إِيمَان إِلَّا بِعَمَل وَلَا عمل إِلَّا بِإِيمَان.
عباد الله ولما كان الإيمان مركباً ومكوناً من هذه الثلاثة التصديق والقول والعمل كان الإيمان يزيد وينقص فكلما استكثر العبد مع الإحسان من شعب الإيمان والطاعات كلما ازداد إيمانه وكلما نقص حظه من ذلك وأتى بالمعاصي والقبائح كلما نقص إيمانه كما قال تعالى (والذي اهتدوا زادهم هدى) وقال تعالى (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم).  وما قبل الزيادة قبل النقصان كما قال ذلك من قال من أهل العلم.  وكما دلت نصوص السنة أن الإيمان يتفاوت قوة وضعفا حتى إن من الناس من لا يكون في قلبه من الإيمان إلا ما يزن أدنى، أدنى، أدنى، حبة خردل.
فإذا علم العبد أن مدار سعادته على الإيمان والعمل الصالح فالعاقل الموفق المريد لنفسه الخير هو الذي يستغل حياته الدنيا بالاستكثار من الأعمال الصالحة والانكفاف عن المعاصي والأعمال السيئة التي نهى الله عنها ونهى عنها رسوله صلى الله عليه وسلم.
فما عند الله من الخير والفضل لا ينال بالأماني إنما ينال بعد فضل الله ورحمته بالإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى في أهل الجنة (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون). يعني بسبب ما كنتم تعملون.
وقال تعالى أيضاً: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 30 – 32]
وهكذا عذاب الله ومقته إنما يكون بسبب ما جنى العبد على نفسه من الكفر والتكذيب أو البدع والكبائر والمعاصي وكل منهم بحسبه قال تعالى ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }  وقال تعالى{ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39).
اللهم إنا نسألك إيماناً صادقاً وعملاً صالحاً وثباتاً على الهدى إلى يوم نلقاك. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
عباد الله إن هذه الايام مطايا ورواحل تنقلنا إلى الآخرة كل يوم يمر هي مرحلة تقدمك للآخرة وتباعدك من الدنيا حتى تنهي أيامك المعدودة المحدودة فما أقرب الزوال وما أسرع الانتقال فكونوا على أهبة الاستعداد واملؤوا خزائن أعمالكم وصحائف سعيكم بالأعمال الصالحة التي تثقل بها موازينكم فتكونوا يوم الوزن ممن ثقلته موازينه ويوم عرض الصحف ممن يعطى صحيفته بيمنه ويوم المرور على الصراط ممن يثبته الله وينجيه من السقوط ويوم ينقسم الناس إلى جنة ونار ممن يفوز بالجنة ويزحزح عن النار وذلك الفوز العظيم. والفضل الكبير.
اعمر قلبك بالإيمان بالله والخوف والخشية من الله والمحبة لله والرجاء في الله والتوكل على الله..
اشغل لسانك بذكر الله من تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلمة طيبة ..
استعمل جوارحك في الأعمال الصالحة وعلى راسها الصلوات الخمس وصوم الفريضة وحج الفريضة واستكثر من نوافل هذه الطاعات قدر استطاعتك.
استعمل مالك فيما يقربك من الله فلا تكسبه الا من حله ولا تمنع الحقوق التي عليك فيه من زكاة مفروضة ونفقة واجبة ثم استكثر بعد ذلك من الصدقات والتطوعات فإنك في ظل صدقتك يوم القيامة.
احذر المعاصي كلها وأولها الشرك ثم البدع والمحدثات ثم الكبائر ثم ما دون ذلك, وجاهد نفسك على الارتقاء الى رتبة الورع باجتناب المشتبهات فإنك إذا فعلت ذلك استبرأت لدينك وعرضك.
إن الإيمان والعمل الصالح والانكفاف عما حرم الله كبير وعظيم ولكنه يسير على من يسره الله عليه فاسال ربك دائماً أن ييسرك لليسرى وأن يجنبك العسرى وأن يستعملك في طاعته وأن يصرفك عن معصيته. والله قريب ممن دعاه. والتجأ إليه ورجاه.
ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم  أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ..

المصدر : الموقع الرسمي للشيخ علي بن يحي الحدادي

:للتحميل زوروا الصفحة  بالرابط التالي  

http://www.haddady.com/الحث-على-العمل-الصالح/

أنواع الحياء/ العلامة عبد العزيزبن عبد الله ال الشيخ -حفظه الله-

أنواع الحياء/ العلامة عبد العزيزبن عبد الله ال الشيخ -حفظه الله-

3:40 م

الخطبة الأولى
      إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين،          أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، الحياء خلق كريم، وهو مصدر الأخلاق والفضائل، إذ هو خلق ي.. العبد عما حرم الله عليه ويمنعه من أقوال الرذائل والأعمال والسلوك، وهذا الحياء له فضل كبير يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ"، وهو رأس الأخلاق كلها، يقول صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ"، وهذا الحياء له فضائل عده فمن فضائله: أنه صفة من صفات ربنا جل وعلا له الأسماء والصفات العلى، رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يغتسل في الصحراء فخطب الناس وقال: "إن الله حليم ستير يحب الستر والحياء، فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليستتر"، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد قضاء حاجته في الصحراء أبعد عن الناس وكان يضع أمامه سترة يستتر بها عند قضاء الحاجة، ومن فضائل الحياء: أنه صفة يحبها الله جل وعلا يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَه عَلَيْهِ، وإن الله يكره البؤس والتبأس، ويبغض الملحف في المسألة، ويحب الحي العفيف المتعفف"، ومن فضائل الحياء: أنه خلق محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله جل وعلا جاب له على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، يقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره الشيء عرف ذلك في وجه، ومن فضائل الحياء: أنه مفتاح للخير يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ"، وأنه أيضا مغلاق للشر يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"، يقول الخطابي رحمه الله: إن هذا الحديث خرج بمخرج الأمر وانخفض، بمعنى أن من لم يستحي فكأن يقال له من ... الحياء فليعمل ما يشاء لأنه لا رادع ولا مانع عنده إذا فقد الحياء من أن يقارب أي جريمة وشنيعة من الأقوال والأفعال، ومن فضائل الحياء: أنه مفتاح للزينة يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ"، ومن فضائل الحياء: أنه من أسباب ظل العبد يوم القيامة يقول صلى الله عليه وسلم: "في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم القيامة يوم لا ظله إلا ظله ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله"، ومن فضائله: أنه الحياء سبب في دخول الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ"، وقد دل الكتاب والسنة على الترغيب في هذا الخلق الكريم، يقول الله جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) الآية، فالله جل وعلا أخبر أنه لا يستحي من ضرب مثلا وإن كان حقيرا إذا كان ضرب هذا المثل في منفعة وتوجيه للناس وقال جل وعلا: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)، قال بعض المفسرين: إن لباس التقوى هو الحياء، وأخبر جل وعلا عن بعث من أصحاب مدين في قصتها مع موسى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) الآية، يعني مغطية وجهها على حياء، قال بعض المفسرين: ليست في خطاة ولا ولاجة ولكنها ذات طابع حياء وخلق كريم، ومن ترغيب الإسلام في الحياء أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الحياء خلق متوارث منذ الأنبياء عليهم السلام، يدعوا له كل نبي: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"، جاءت به الأنبياء فلم ينسخ كما نسخة شرائعهم، بل هو دائم ثابت، لم ينسخ كما نسخة الشرائع؛ بل هو خلق دائم ثابت مع كل الأنبياء عليهم السلام.
أيُّها المسلم، ومن فضائل الحياء: أنه يقي الإنسان المعاصي والشرور، ويحقن بينه وبينها يقول صلى الله عليه وسلم: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلاهَا قول لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"، سمع النبي رجلا يعظ أخاه من الحياء قال: دعه فإن الحياء من الإيمان، وقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتحْيُوا مَنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَياءِ"، قالوا: كيف ذلك يا رسولَ اللَّه، قال: "أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى، والْبَطْنَ ومَا حَوى، وأن تذْكْرَ المَوتَ والبلى ، وَمنْ أرادَ الآخِرَةَ تَرَك زِينَةَ الدُّنيا فذلك الحياء من الله".
أيُّها المسلم، إن الحياء ممدوح دائما إذا كان في الحق، فمن الحياء الممدوح ومأمور به حياءك من ربك، حياءك من خالق ورازقك، تستحي منه لعلمك أنه محيط بك، عالم بسرك وعلانيتك، يسمع كلامك ويرى مكانك، ويعلم سرك وعلانيتك، ولا يخفى عليه شيء من أحوالك: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، وقال: (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، (يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)، فمن تدبر هذا المقام استحياء من ربه أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره، وذلك قوة الإيمان، نسأل الله التوفيق والسداد، ومن الحياء استحياءك من ملائكة الرحمان، الموكول بكتابة أعمالك وأقوالك، فإن الله جل وعلا وكَّل بكل إنسان ملكين، يكتب هذا حسناته وهذا سيئاته، ملازمين لنا إلى عند الفرائض وقضاء الحاجة، يقول الله جل وعلا: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)، (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وفي الحديث: "إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لاَ يُفَارِقُكُمْ الخلاء عِنْدَ الحاجة فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ"، فمن تدبر ذلك استحياء من الملكين، أن يكتب عنه سوء ورجاء أن يكتب عنه إن شاء الله، ومن الحياء أيها المسلم الحياء الممدوح حياءك من الناس، من أن تمد إليهم لسانك بالسوء من غيبة ونميمة ووشاية وأقوال خاطئة وتمد لسانك بقلبهم والطعن في أعراضهم وانتهاكها بلا حجة ولا برهان، أو تؤذيهم بيدك فتسلط عليهم، "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ"، والحياء من الناس يحملك على كف الأذى منهم، وأن لا تؤذي الناس وأن لا تكون مصدر قلق لهم في أمورهم كلها تحترمهم وتعاملهم كما تحب أن يعاملوك به، ومن الحياء استحياءك من نفسك في خلواتك فلا تعمل سوء سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال السائل: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: "أحْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ"، فَقَالَ يا رسول الله الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ قومه قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ"، قال: الرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا قَالَ: "فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْه من الناس"، فخلق الحياء صاحبة لك في مجتمعك في بيتك ومع أهلك ومع زملاءك ومع الآخرين حياء تبعدك عن الرذائل ويحملك على الفضائل، ومن الحياء أن تستحي من أبويك الكريمين فتخاطبهما بكل لطف وخلق كريم وأقوال حميدة (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)، تستحي من ضيفك تكرمه ولا تجرح شعوره.
أيُّها المسلم، ولكن هناك أمور قد يذم فيه الحياء إذا حمل الحياء العبد أن لا يسأل عن أمور دينه، وأن لا يستفسر عما أشكل عليه فهذا حياء مذموم، والله يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فالحياء المذموم هو أن تستحي من أن تسأل عن  حق عن حلال عن حرام فهذا أمر مذموم، ولهذا تقول أم سلمة أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله هل على المرأة من غسل إذا هي رأت الماء، قال: "نعم، إذا رأت الماء فلتغتسل"، قالت أم سلمة وهل يكون ذلك؟ قال: "تربت يمينك فأين يشبهها ولدها"، جاء أبو موسى الأشعري إلى أم المؤمنين عائشة فقال: يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك سؤالا واستحي أن أسأله قالت: يا أبو موسى إنما أنا أمك فسألني، قال قلت يا أم المؤمنين: ما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقط، إذا قعد بين شعبها الأربع ولتقى الختان بالختان، فقد وجب الغسل، هكذا الحياء الممدوح وهكذا الحياء المذموم، فليكن حياءنا حياءً في حدوده، لا حياء يمنع من الخير، ومن الحياء المذموم حياءك يمنعك أن تأمر بمعروف وتنهى عن منكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلق أهل الإسلام (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، ومن الحياء المذموم أن تترك واجبا حياءً من الناس أو تفعل محرما حياءً من الناس، فمن عباد الله من يترك الصلاة ويتهاون بالجماعة مجاراة لما معه ومن جلساء سوء الحياء أو الواجبات لا يستهان بأدائها؛ بل يجب أن تؤدي فرائض الإسلام وليس في أدائها قلة حياء؛ بل هذا دليل على الخير كله، ومن سوء الحياء أن تفعل معصيةً مجاراة للجلساء، لا تفعل المعاصي ولا حرمات الله مهما يكون حال من معك في الحديث: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتقِّ الله ودع عنك هذا فلا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فيكون قعيده وأكيله وشريبه، فلما رأى الله منهم ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم (عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)".
أيُّها المسلم، المعصية ابتعد عنها وعن أهلها حين مواقعتها فيها وأشعرهم بأنك مخالف لهم وأنهم قد انتهكوا حرمات الله وأن لا تشهد في معصيتهم ولا تعينهم على باطلهم، وهجرهم في ذات الله، مبيناً لهم الخطأ الذي وقعوا فيه لكي تنصحهم لله جل وعلا، أما المجاملة والجلوس معهم ويزاولون المنكرات والفواحش والله يقول: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)، فالراضي في المعصية والساكت عن تغيرها والمجالس لأهلها وهم يزاولونها شريكهم في الإثم والعصيان؛ بل هو أعظ إثما وواقع فيها لأن تساهله بها وسكوته عنها يدل على عدم إفراط قلبه منها وأنه لا يكرها وأنه يمكثها، فلنتقي الله في أنفسنا ولنراقب الله في أحوالنا كلها، أقولٌ قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ،   أما بعدُ:
فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، ليكون الحياء خلق لنا في تعاملنا مع ربنا ومع أنفسنا ومع مجتمعنا في أحوالنا كلها.
أيُّها الزوج الكريم، يجب عليك أن تتخلق بالحياء فيما بينك وبين امرأتك فعالج المشكلة بينك وبينها بأدب واحترام، ومع أهلها، وإياك وقلة الحياء وسبها والطعن فيها وفي أهلها فكل هذا من قلة الحياء، حاول الإصلاح بينك وبينها بكل الطرق الممكنة والوسائل الممكنة دون قلة الحياء، وإذا تعذر البقاء فالفراق خير من قلة الحياء وسوء التصرف.
أيُّها الزوجة الكريمة، أتقي الله وعالجي المشكلة مع زوجك بأدب واحترام، واحذري قلة الحياء والبذاءة التي لا خير فيها، والله يقول للزوجين: (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، فمن الأخطاء إشاعة الأسرار ونشر الأمور وقلة الحياء، والتحدث مع الآخرين بالكذب والافتراء كل هذا من قلة الحياء.
أيَّها المسلم، عندما تخاطب في قضية ما فلك الحق أن تدعي وتخاطب من حقك وتطالب بحقك؛ لكن ليكون الحياء مصاحب لك حتى في خصومتك، النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أخلاق المنافق: "وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، فالمنافق إذا خاصم فجر في خصومته، وربما افتراء الكذب، وربما كشف عن عيوب شأنه ليضعف بها جانب المدعي، ويقلل به شأنه ويكسب به الدعوى، فإياك أن تحرج القضاء، أن تتحدث بغير ما يعالج قضيتك التي يبنى عليه الحكم، أما أن تكشف عيوب الناس التي تتطلع أو تبالغ أو تفتري بها كذبا هذا لا يحوز، خاصم بأدب، وطالب حقك بأدب، وإياك والبذاءة وقلة الحياء، والطعن في الناس، والشماتة بهم، فبعض الناس قد ينسحب عن الدعوى إذا كان خصمه بذيء اللسان فاجرا في أقواله، يقول الأباطيل ويكذب ويفتري نسأل الله السلامة والعافية.
أيها الأخوة، قد نختلف في أرائنا العلمية في هذا... فما الموقف؟ وقد نختلف في قضايا فكرية وإصلاح المجتمع، فما الموقف؟ هل الموقف أن يكون بيننا تراشق بالتهم واتهام النوايا والمقاصد، وسب بعضنا بعضا، وانتقاص بعضنا بعضا، واحتقار بعضنا بعضا، لا يا أخي، ليس هذا من خلقنا، ليس هذا من خلق ديننا، حياءنا يمنعنا من ذلك، حياءنا يدعون إلى أن نحترم الآخرين، عندما أقول وأبين خطأ هذا القول فأبينه بأدب واحترام واتزان وحياء يمنعني من القول السيئ وعندما أنقد فكر من الأفكار؛ فلابد أن أكون صادقا، عندما أكتب أفكر فيما أكتب هل كتابتي هي حق وإخلاص ومنفعة للأمة، أما كتابة تثبت موقفي وتبرز شخصيتي وإن كان في هذا خلاف للحق وخلافا للواقع، فليكن الحياء ملازم لنا في الأمور كلها.
أيها المربيون والمربيات، اتقوا الله في تعليم الأبناء والبنات، علموا الجميع الحياء والخلق الفاضل، فإن هذا من أخلاق الإسلام.
أيها الإعلاميون، رجال الإعلام وملاك القنوات الفضائية، ليتقي الجميع ربهم فيما يعرضون وينشرون من مسلسلات وأفكار وأطروحات لتكن هادفةً نافعةً موجه؛ لا أن تكون هابطة، يؤسف له أن بعض القنوات التي يملكها بعض أبناء المسلمين تجدها هابطة في أفكارها في أخلاقها هابطة في كل ما تعرض من الشر والبلاء والعدال الأخلاق والفضيلة وقلة الحياء ما الله به عليم، فليتقي المسلمون ربهم وليخافوا من سوء العاقبة، فإن نشر هذه الفضائح والدعوة إليها داخل في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
أيها المسلم، إياك والتحدث بمعاصيك وسيئاتك وأخلاقك السيئة، إياك أن تنشر أخلاق سيئة التي عملتها، تب إلى الله منها فيما بينك وبين الله، فإن من البلايا أن تتحدث عن معاصيه وأخطائه وسيئاته متبجحا بها يثني بها على نفسه يقول صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ويُمَسِي وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا"، كل هذا من قلة الأحياء عندما تزل القدم تب إلى الله وندم على ما مضى وتب إلى الله فيما بينك وبينه، المعاصي لا يسئم منها أحد؛ لكن نشرها وإشاعتها والتحدث بها دعوة إليها ونشر لها نسأل الله لنا ولكم الثبات والاستقامة إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، وجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ أمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمَّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدالله بنَ عبدِالعزيزِ لكل خير، اللَّهمَّ بارك له في عمره وعمله، اللَّهمَّ أمده بالصحة والسلامة والعافية، اللَّهمَّ  وفقه لما تحبه وترضى اللَّهمَّ بارك له في عمره عمله وفقه لما تحبه وترضى إنك على كل شيء قدير، وأمده ثوب الصحة والسلامة والعافية،  اللَّهمَّ  وفق سلمان بن عبدالعزيز لكل خير، وسدده في أقواله وأعماله، اللَّهمَّ وفق الجميع لما تحبه وترضى، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ  (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللَّهمَّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللّهمَّ سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم لا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون. 
خطبة جمعة عن شهر الله الحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

خطبة جمعة عن شهر الله الحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

2:51 م
خطبة جمعة عن شهر الله الحرام
للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله وبارك فيه.
الخطبة الأولى:
الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة، فما زال يوالي عليكم مواسم الخير الفضل، ما انتهت أشهر الحج إلى وأعقبها شهر الله المحرم، وهذا الشهر خصه الله بخصائص:
أولا: أنه من الأشهر الحُرم التي حرم الله فيها القتال قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهذه الأربعة: هي ذو القعدة، وذو الحجة، وشهر محرم، والرابع شهر رجب، حرم الله القتال فيها من أجل تأمين الحجاج والمعتمرين في سفرهم للحج والعمرة، فلما جاء الإسلام - ولله الحمد - انتشر الأمن واندحر الكفار، وقام الجهاد في سبيل الله عز وجل في كل وقت مهما أمكن ذلك.
إن هذا الشهر له فضائل قال صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ"فيستحب الإكثار فيه من الصيام.
وهو أيضا من الأشهر الحرم.
وهو الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ليكون أول السنة الهجرية، فهو شهر له فضائل:
ومن أعظم فضائله: أن فيه يوم عاشوراء الذي اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية، وقد صامه موسى عليه السلام شكرا لله لما أغرق الله فرعون وقومه فصامه شكرا لله عز وجل، وصامه اليهود من بعده، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونه فقال:"ما هذا الصوم الذي تصومونه؟" قالوا: إنه يوم أعز الله فيه موسى وقومه، وأذل الله فيه فرعون وقومه وقد صامه موسى عليه السلام فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ" أو "أولا بِمُوسَى مِنْكُمْ" فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه فصار صيامه سنة مؤكدة؛ لكنه صلى الله عليه وسلم أراد منا أن نخالف اليهود فـأمر "بصوم يوم قبله" وهو اليوم التاسع، وفي رواية أو "صوم يوما بعده"، ولكن صيام يوم التاسع أوكد، فيصام هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله بموسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم في صيامه وهو يوم أعز الله فيه المسلمين على يد موسى عليه السلام، فهو نصر للمسلمين إلى أن تقوم الساعة، ونعمة من الله عز وجل يُشكر عليها وذلك بالصيام، فصيامه سنة نبوية مؤكدة، فيصومه المسلم اليوم التاسع ويصوم اليوم العاشر الذي هو يوم عاشوراء، ومضت هذه السنة في هذه الأمة والحمد لله فيتأكد صيامه طلبا للأجر والثواب وشكرا لله عز وجل.
فسنة الأنبياء وأتباعهم أنهم يشكرون الله على الانتصارات وذلك بالطاعة والصيام وذكر الله عز وجل وشكره ولا يحدثون في هذه الانتصارات بدعا ومنكرات فإن هذا من سنة الجاهلية، والاحتفالات إنما يحدثون فيها الشكر لله عز وجل والصيام، فإحياء السنة أمر مطلوب من الأمة، في صومه أجر عظيم، يكفر السنة الماضية.
فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيه، أما من يتخذ يوم عاشوراء يوم حزن ويوم بكاء وعويل ونياحه كما تفعله الشيعة قبحهم الله حزنا على مقتل الحسين رضي الله عنه فإنه قتل في هذا اليوم في يوم عاشوراء في اليوم العاشر من شهر محرم؛ ولكن المصيبة لا تقابل بالنياحة والمعاصي والمنكرات؛ وإنما تقابل بالطاعة والصبر والاحتساب، مقتل الحسين رضي الله عنه لاشك أنه مصيبة؛ ولكن الله أمرنا عند حدوث المصائب أن نصبر ونحتسب.
والمسنون في هذا اليوم هو سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنه يصام ولا يحدث فيه أي عمل آخر، وكذلك على العكس من جهال المسلمين ومن جهال أهل السنة من يعتبر هذا اليوم يوم فرح وبعضهم يسميه العيد عيد العمر يقولون وهو ليس عيدا إنما هو يوم نصر وشكر لله عز وجل ويوسعون على أولادهم ويعطونهم الهدايا يتقابلون الهدايا فيما بينهم هذه بدعة وأمر محدث ولا يجوز، وهذا يكون مقابلا لفعل الشيعة، الشيعة يحزنون وهؤلاء يفرحون، أيفرحون بمقتل الحسين رضي الله عنه يعني يحملهم بغض الشيعة على أن يفرحوا بمقتل الحسين رضي الله عنه لا، هذا لا يجوز.
فالواجب على المسلمين اتباع السنة وترك البدعة هذا هو المطلوب، والبدعة لا تقابل بما هو شر منها ببدع أخرى، إنما تقابل بتركها وإحياء السنة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه توبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وأعوانه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنها لا يقبل سنة أو نافلة حتى تؤدى الفريضة، فحرصوا على أداء الفرائض أولا، لأن الفرائض أحب إلى الله من النوافل، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: "ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه" فالنوافل مكملة للفرائض، أما أن تقام النوافل وتساهل في الفرائض فهذا أمر معكوس.
الواجب على المسلم أن يحافظ على الفرائض أولا وقبل كل شيء ثم يأتي بالنوافل بعدها لتكون مكملة لها وزيادة خير للمسلم.
اتقوا الله، عباد الله، واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أرنا الحق حقا ورزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين، اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ وفقهم لما فيه خيرهم وخير الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ أحفظ بهم أمننا وجمع بهم كلمتنا،وألف بهم جماعتنا يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء، اللَّهُمَّ أحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين مما هم فيه من كرب وضيق على يد الأعداء والكافرين والمنافقين، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بفرج عاجل، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بالنصر، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين من كل شدة ومن كل كرب يا سميع الدعاء يا فراج الكربات يا مجيب الدعوات يا مغيث اللهفات يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء يا ذا الجلال والإكرام (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ الله أكبرَ، والله يعلمُ ما تصنعون. 
منقول من شبكة سحاب السلفية
المصدر:http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=160987