الــــخِـــــــــيَــــــانَـــــةُ

7:43 م
خطبة جمعة مفرغة :
لفضيلة الشيخ أبو العباس سالم الوصاري-
وفقه الله ـ
عضو اللجنة العليا للإفتاء – ليبيا .











إن الحمدَ لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾
أمّا بعدُ؛ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد -صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم-، وشرّ الأمور محدثاتها وكلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أمّا بعدُ:
فإنّ الخيانةَ من أَحَطِّ الأخلاق وأسفلِها، وهي قبيحةٌ في كل شيء، وبعضها شرٌّ من بعض، وهي ثمرة الكُفر أو النفاق، قال -تعالى-: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ﴾
وقال -تعالى-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾
وقال -تعالى-: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾
وقال -تعالى-: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
وقال -تعالى-: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾
وقال -تعالى-: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾
والخيانة: هي التفريط في الأمانة؛ فهي تفريط فيما يُؤتمن الإنسان عليه وهي من علامات النفاق.
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- فيما أخرجه الشيخان، عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم- قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كَذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتُمن خان)
وفي الصحيحين -واللفظ لمسلمٍ- عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- قال: (أربعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَن كانت فيه خَصْلَةٌ منهم كانت فيه خَصلةٌ من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمنَ خان، وإذا حدّث كَذَب، وإذا عاهد غَدَر، وإذا خاصم فجر).
وأخرج أبو داود بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البِطانة).
وفي الصحيحين -واللفظ للبخاري- عن عِمران بن حُصَين -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (خيركم قَرْنِي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). قال عِمران: لا أدري أَذَكَرَ النبي -صلى الله عليه وسلّم- بَعْدُ قرنين أو ثلاثة.
قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (إنّ بعدكم قومًا يخونون ولا يُؤتمنون، ويشهدون ولا يُستشهدون، وينذرون ولا يَفُون، ويظهر فيهم السِّمَن)
وأخرج أحمد، وابن ماجة، والحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- قال: (سيأتي على الناس سنواتٌ خدّاعات: يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويُخوّن فيها الأمين، ويُؤتمن فيها الخائن، وينطق فيها الرُّوَيبضة). قال: قِيلَ: يا رسول الله، وما الرُّوَيبضة؟! قال: (السفيه يتكلم في أمر العامة).
قال ابن قدامة: وحدثني يحيى بن سعيد الأنصاري عن المَقْبُرِيِّ قال: (وتشيع فيها الفاحشة). يعني: في السنوات الخدّاعات، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وآله وسلّم- ما فيها من اختلال الأحوال، وانعكاس الأمور، وتبدّل القيم، وانمحاق المُثُل: يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويُخوّن فيها الأمين، ويُؤتمن فيها الخائن، وينطق فيها الرُّوَيبضة، وهو السفيه يتكلم في أمر العامة
والخيانة أمر مذموم في شريعة الله، تنكرها الفطرة، وتمجها الطبيعة السوية، ولا تقبلها حتى الحيوانات العجماوات. الخيانة كلمة تجمع كل معاني السوء الممكن أن تلحق بإنسان، فهي نقض لكل ميثاق أو عقد بين إنسان وخالقه أو إنسان وإنسان أو بين الفرد والجماعة.
لا تأمننّ امرءًا خان امرءًا أبدًا
إنّ من الناس ذا وجهين خَوَّانًا.
الخيانة مذمومة حتى مع الكفار، حتى مع الخونة، ولهذا قال النبي : ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) ، وفي القرآن: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاء إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَـٰئِنِينَ﴾
وبالخيانة أسقطت دولة الخلافة الإسلامية، وكانت رمزًا تجمع شتات المسلمين، فتمزقت أوطان المسلمين إلى بلدان وأقاليم، وأقام أعداؤنا في كلّ موطن وإقليم سلطانًا مواليًا لنفوذهم، ينفذ سياستهم بالترغيب والترهيب والحماية، ثم عمدوا إلى مناهج التعليم والتربية فصبغوها بصبغتهم في الإلحاد والكفر، وأنشؤوا بذلك أجيالاً من أبناء المسلمين، يعادون دينهم، ويتنكرون لتاريخهم وأمتهم، ثم عمدوا إلى الدين والحق فحاصروه في نفوس أتباعه، وضيقوا الخناق عليه في كل مكان، واضطروا أهله إلى النجاة بأنفسهم أو تحمّل صنوف العذاب والبلاء.
وبالخيانة تم غزونا فكريًا، فلم يستطع الغرب أبدًا أن يغزونا فكريًا ولا أن يهزم أرواحنا حتى حين هزم جيوشنا، لكن تكفّل بالمهمة الخونة من أبناء جلدتنا، وصدق الله تعالى: وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ
وبسلاح الغدر والخيانة ذلك السلاح الذي تجرعت الأمة وتتجرع بسببه المرارات، وعن طريقه فقدت الأمة أعظم قادتها وخلفائها ممن أعجَزَ أعداءَها على مر التاريخ، فعمر رضي الله عنه قتله أبو لؤلؤة المجوسي, وعثمان رضي الله عنه قتلته يد الغدر, وعلي وغيرهم رضي الله عنه ممن أغاظ أعداء الله أذاقهم صنوف العذاب والهوان في ساحات النزال وفي بئر معونة قُتِلَ سبعون من خيار الصحابة، لأجل هذا جاء التحذير من الخيانة، قال تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾
عباد الله : إن استخدام الوسائل الخسيسة، والحيل الدنيئة، والألاعيب الصبيانية لا تكون -أبدًا- سببًا للتمكين والنصرة، وشرعُ الله -تبارك وتعالى- لا يُطبَّق بمخالفته،
وشرع الله -جل وعلا- لا يُطبَّق بالخروج عنه؛ فهذا لا يكون!!
والفجور في الخصومة قد يكون بتجاوز الحد: في اللفظ تارة، وفي الاستدلال
تارات -وهو أسوأهما- وقد يكون بالخيانة، وإذا كان ذلك كذلك فهو أحطُّ شيء، وأسفله، وأَخَسُّه!!
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
*******
الخطبة الثانية
إن أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة ونوازلَ شديدة ونكَبات متلاحقة، ساهم فيها بشدة تعرّض الأمة لخيانات متعددة، تارة من أعدائها، وتارات ـ وهو أنكى ـ من أبنائها.
يُخادعني العدو فلا أبالي
وأبكي حين يخدعني الصديق
نعم، كل الخيانة قاسية ومريرة مريرة مريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون.
والخيانة متى ظهرت في قوم فقد أذنت عليهم بالخراب، فلا يأمن أحد أحدًا، ويحذر كلُ أحد من الآخر، فلا يأمن صديق صديقه، ولا زوج زوجه، ولا أب ولده، وتترحل الثقة والمودة الصادقة فيما بين الناس، وقد جاء في الآثار: “لا تقوم الساعة حتى لا يأمن المرء جليسه”.
أيُّها المسلم، إن صور الخيانة متعددة:
فمنها الخيانة في العقيدة، إذ التوحيد والإيمان أمانة في عنق كل فرد من المجتمع، أخذ الله الميثاق على بني آدم وهم في صلب أبيهم آدم أن يوفوا بهذه الأمانة ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا)، ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، فتوحيد الله أمر أخذ الميثاق عليه فمن كفر بالله وعبد غيره فقد خان تلك الأمانة.
أيُّها المسلم، ومن أنواع الخيانة: التطاول على الذات الإلهية أو مقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالاستهزاء والازدراء والتنقص، وكل هذا من خيانة الأمانة.
ومن خيانة الأمانة: اعتقاد الخرافات والخزعبلات والبدع والآراء الصوفية الشاذة والدعوة إليها ونشرها بين المجتمع.
ومن أنواع الخيانة أيضا: الشك في ثوابت الإسلام وقواطعه وأصوله، ومسلماته، فمن طعن في أصول الدين ومسلماته وثوابته فإن هذا من أنواع الخيانة.
ومن أنواع الخيانة أيضا: إخضاع نصوص الكتاب والسنة لأراء النَّاس وعقولهم وإفراغها عن مدلولها الذي دلت عليه لمن تأمل وتتدبر.
ومن أنواع الخيانة: القدح في حملة هذه الشريعة، وعلى رأسهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فهم الواسطة بيننا وبين نبينا في تبليغ كتاب الله وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالقدح في الصحابة أو انتقاصهم، أو الاستهزاء بهم والحط من قدرهم، أو تلفيق التهم فيهم تلك الطريقة أهل الضلال والزيغ، لا طريقة أهل الإيمان الصلاح، فأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم جاهدوا في الله حق جهاده، بلغونا كتاب ربنا، بلغونا سنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم وسيرته وأقواله وأفعاله وأخلاقه وأعماله، فرضي الله عنهم ورضوا عنه، فحقهم علينا أن نستغفر لهم، وندعوا لهم قال الله: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
ومن خيانة الأمانة: القدح في شعائر الإسلام، وإضعافها، واعتقاد أن شريعة الإسلام قاصرة لا تستطيع مواكبة العصر، ولا حل قضايا الأمة المستجدة، وكل هذا من الخيانة: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
ومن صور الخيانة زعزعة أمن المجتمع المسلم وذلك بنشر الإشاعات بينهم ومحاولة الطعن والتشويه فيمن اجتمع عليه المسلمون.
ومن صور الخيانة: الاتصال بالقنوات الفضائية الفاسدة المعلوم عدائها للإسلام والدين، للأخلاق والقيم، عدائها لهذا الدين، عدائها لهذا المجتمع قنوات حاقدة على الدين وعلى المجتمع المسلم وعلى أمنه واستقراره ورخاءه، فالاتصال بهذه القنوات والتحدث معهم ونقل أخبار الأمة لهم، كل هذا من خيانة الأمة، فإنَّ المسلم يقف مع أمته محبةً لهم ونصحاً وتوجيها، أما الاتصال بهذه القنوات المعلوم عدائها للدين وعدائها لهذه الأمة ولقيادتها ولمجتمعها، فالاتصال بهذه القنوات والمشاركة معهم وإدلاء بالآراء لهم، كل هذا من خيانة الأمة وخداع الأمة، فليحذر المسلم ذلك.
وطن المسلمين أمانة في أعناق الأمة فخيانة وطن إقرار لدعاة المفسدين والمجرمين والإرهاب والسوء والفساد وكل من يسعى في سبيل إذلال الأمة وإيقاع الشر والبلاء فيها.
فالواجب على المسلم أن يحفظ بلاد الإسلام ويعلم أن وطن الإسلام أمانة في عنقه وأنه لا يتستر على أي مجرم أو مفسد أو إرهاب أو من يريد المكائد، أن هذا من خيانة الأمانة فلنحذر ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
إنّ الحقّ هو غايةُ كل مسلم صادق، والصراعُ بين الحق والباطل قديم منذ خلق الله -رب العالمين- آدمَ وزوجَه، وأمرَ اللهُ -رب العالمين- الشيطانَ أن يسجدَ لآدمَ فأبى وعصا وكان من الكافرين..
العداوةُ دائرةٌ، والخصومةُ قائمةٌ، والصراعُ بين الحق والباطل لا يَفْتُرُ أبدًا ولا طَرْفَةَ عينٍ!! ومَن وفقه الله -رب العالمين- لمعرفة الحق، فهي مِنّةٌ من الله مَمنونة، ونعمةٌ من الله مُسْدَاة، فعليه أن يضرعَ إلى الله أن يُمَسِّكَه ما مَسَّكَه إياه ربُّه، وأن يُثَبِّته عليه، وأن يقبضه عليه، وأن يحشره في زُمْرَة مَن جاء به -صلى الله وسلم وبارك عليه-.
ولا تبالِ ما دمتَ على الجادة بنعيق الغربان على الخرائب؛ فذلكَ أمرٌ لابد منه، قال الذهبي: الجاهل لا يعلم رتبة نفسه، فكيف يعرف رتبة غيره؟!! اهـ
فاثبت -ثبتني الله وإياك على الهُدى والحق والرشاد-.
واعلم أنه إنْ قتلكَ الحقُّ مُتَّ شهيدًا، وإنْ عِشْتَ عِشْتَ حميدًا ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾
تمسَّكْ بالحق، واثْبُت عليه، واسألْ ربك الذي أنعم عليك به أن يُثَبِّتَكَ عليه حتى يقبضك عليه، وأن يحشرك في زُمْرَةِ أهله.
• هذه الخطبة مستفادة من :
خُطب بعض العلماء والمشايخ الفضلاء.
الجمعة 11 ربيع ثانى 1437 هجرى


المصدر : اللجنة العليا للإفتاء بالهيئة العامة للأوقاف و الشؤون الإسلامية بالحكومة الليبية المؤقتة

مواضيع ذات صلة

التالي
« السابق
السابق
التالي »